مقال/ سردار عباس

 

وأنت تطالع صحيفة أو تتصفح موقعا إلكترونيا، أول ما سيقابلك هو عنوان هذا الخبر وذاك التقرير وتلك المقالة.

باعتباره جزءا أساسيا في المادة الصحفية وخلاصة الخبر ومفتاح الدخول إلى المحتوى، ترشّح المؤسسات الإعلامية ألمع الصحفيين وتُوكِل إليهم مهمة صياغة العناوين واختيار ألفاظها لجذب انتباه أكبر شريحة ممكنة من الجمهور وإيصال المعلومة بأقصر الطرق وأسهلها.

واحتلت العناوين مساحة واسعة من حياتنا ووجدت لنفسها مكانا رحبا، حتى لا يكاد يمرّ يوم إلا وقد طالع كلٌ منّا عشرات العناوين المختلفة.

يستطيع الكاتب الحذق بفطنته أن يأخذ بيد القارئ ويجبره على قراءة مادته من خلال عنوان لافت واختيار لفظ مؤثر قد يبقى مصاحبا للقارئ راسخا في ذهنه دون أن يدخل طيّ النسيان، كما أن العنوان الجيد يجعل من كاتبه موضع اهتمام من قِبل القارئ وتجعل من القارئ متلهفا بشوق متطلعا لقادم أعماله، وبمجرد أن تقع عين القارئ على اسم الكاتب سينجذب إلى القراءة التي تجعله يستمتع بكل كلمة يقرؤها دون وعي منه أو إدراك.

وعلى العكس من ذلك فإن عدم التوفيق في اختيار عنوان مناسب يجعل منه منفرا سيء الوقع في نفس القارئ قد يثير حفيظته أو يشعره بنوع من الاستفزاز والامتعاض.

واستغلت كثير من المواقع الإلكترونية الموضوع وتجاوزت المعايير والأخلاقيات المهنية، فلجأت إلى إغراء القارئ من خلال تنميق وتزويق العناوين أو المبالغة في صياغته، وبذلك أخرجها من إطار التشويق إلى التهويل وربما الخداع والاحتيال في بعض الأحيان والقصد من ذلك كله الحصول على أكبر عدد من الزيارات وجلب أكبر عدد من القراء، حتى باتت تلك الروابط من قبيل خضراء الدِمَن، ظاهرها يسر الناظر وباطنها فيها من الخبث ما فيها.

وتأتي في مقدمة تلك الخدع والحيل اختيار كلمات وجُمل منتقاة بعناية فائقة فيها من الإثارة والتشويق ما يدفع القارئ لشغف القراءة على غرار (طبول الحرب، فلان يصفع فلانا، تقلبات ساخنة) بمجرد أن ينقر القارئ على الرابط حتى يُصدَم ويُفاجأ بمادة لا ترتقي لتلك الفكرة التي خلقها العنوان في ذهنه في أغلب الأحيان فليس هناك حربٌ أو صفعٌ غير ردّ سياسي على موقف سياسي، وقد تختلف المادة عن الفكرة تماما في أحايين أخرى مثل ذلك العنوان الذي صادفني قبل أيام (نهاية كوكب الأرض ستكون على يد الشعب الفلاني) وما لبث أن اكتشفتُ أن الخبر لا يعدو كونه كوميديا، بذلك باتت تلك الألفاظ الرنانة والمزركشة بمثابة شَرَكٍ يكاد أن يكون من المستحيل تجنبه وتفاديه.

رغم ذلك يبقى العنوان هو الركن الركين والركيزة الأساسية التي توجب على الكاتب نيل حظٍ وافرٍ من اهتمامه و أن يعطيَه من العناية ما يستحق بوصفه محورا يعتمد عليه القارئ، فقد يقتني القارئ صحيفة ويكتفي بقراءة ومطالعة العناوين فقط لمعرفة آخر الإحداثيات والمجريات التي تشهدها الساحة السياسية وواقعه الافتراضي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *