أول جريدة كردية كانت  باللهجة الكرمانجية تأسست عام 1889م في القاهرة، وكانت هذه الجريدة نصف شهرية وعدد صفحاتها أربع صفحات، محررها السيد مقداد مدحت بدرخان المهاجر من تركيا إلى مصر وهو من أكراد جزيرة بوتان حيث هناك يتكلمون باللهجة الكرمانجية، في الحقيقة تعد ( كردستان ) حدث هاماً في تاريخ الحياة الاجتماعية الكردية بصفة عامة والثقافة الكردية بصفة خاصة ، وتعتبر جريدة ( كردستان ) الحجر الأساسي للصحف الكردية التي تلتها فيما بعد. وهذه الجريدة لم تكن لها أي طابع سياسي أو تنظيمي أو اجتماعي بل كانت مبادرة شخصية من كردي وطني أدرك أهمية الصحافة في مجال التوعية لحياة شعب مضطهد ومحروم من أبسط حقوقه. حيث صدر منها خمس أعداد في القاهرة ومن ثم انتقل إلى جنيف ثم لندن وأخيراً إلى فولكستون، حيث كانت تلاحقه عناصر السلطان عبد الحميد الثاني ولهذا كان يغير مكانها باستمرار ، حيث تصل الأعداد المحفوظة في مكتبة هامبورغ (31) وفي هذه الأعداد التفاصيل الكاملة لسير أعمال مؤتمر الأول لحركة (تركيا الفتاة ) . إلا أن هدف الجريدة كانت معروفة من عددها الأول ووضح هدفها الأساسي في مقالة نشرها في ملحق العدد الأول باللغة الفرنسية بتاريخ 21-4-1889 حيث جاء فيه بقلم مقداد مدحت بدرخان ” أصدرُ هذه الجريدة وقد وضعت نصب عيني هدف ترسيخ الاهتمام والحب نفوس أبناء قومي إزاء التعليم ولأمنح الشعب فرصة التعرف على حضارة العصر وتقدمه ، وكذلك على أدبه … حيث أنا في مصر أريد أن أرى في كردستان النظام . ولا أبغي من صدور هذه الجريدة ولو من بعيد ، سوى خدمة مصالح شعبي وسعادته ورفع المستوى الثقافي لبني بلدي ” . حيث لاقت هذه الجريدة اهتماماً رائعاً وواضحاً من خلال المراسلات وكانت توزع في كافة أنحاء كردستان وقسم منها توزع في أوربا على الأكراد المغتربين والأوربيين المهتمين بالأدب الكردي ولغاتها، ومراسلتها كانت تأتي من الموصل- الجزيرة- دمشق- السليمانية ـ ماردين- أضنه وغيرها، حيث كتب أولئك القاطنين في دمشق في رسالة للجريدة ونشرها في عددها الثالث في 1889 م جاء فيها “….لقد اتبعت عدداً من الجريدة وجمعت من حولي الأكراد لقرائها سوية ،وحين علموا أنها تدعى (كردستان) وأن أميرهم يقوم على إصدارها ، ولم تسعهم الدنيا من الغبطة والفرح .فرفعوها فوق رؤوسهم تقديراً . وإذ فهموا فحواها وهزتهم كلماتهم فقد وعدوا بعضهم البعض بالتعاون والمساعدة وتعليم أطفالهم مهناً فنية …”. وبعد الانتقال إلى جنيف تابع أخو المحرر عبد الرحمن بدرخان بإصدار الجريدة وهذا هجرة عبد الرحمن من اسطنبول حيث كان مديراً في وزارة الثقافة قبل الهجرة إلى جنيف.

كتب عبد الرحمن بدرخان في العداد السادس 1989م حيث دعا إلى أهمية التثقيف والتعليم في حياة الشعب الكردي وكل شعب يعاني من الاضطهاد والحرمان . ” العقل هو الذي يميز الإنسان عن الحيوان ، لا شي أفضل من العقل وبدون التعليم يفقد العقل رونقه ، وبفضل العقل يسخر الإنسان عالم الحيوان ، تبحر البواخر في البحار وتسير القطارات المسافات الشاسعة بفضل العقل والعلوم . أن معرفة طبيعة الأشياء هي ظاهرة من ظواهر اكتساب التعليم ”

لقد لعبت “كردستان ” دوراً هاماً واضحاً في الأدب الكردي وخصصت على صفحاتها مكاناً ِهاماً من فنون الأدب ابتداءً من عددها الثاني نشرت ملحمة (( مم زين )) للشاعر الكردي الكبير أحمد خاني ( 1650 ـ 1708 ) مما أثارت هذه الملحمة اهتماماً كبيراً بين القراء الأكراد وكذلك بين العلماء الأوربيين لقد كتب المستشرق الشهيد (( مارتن غارثمان )) إذا كانت الجريدة (( كردستان )) ـ ملاحظة المؤلف ـ قد استطاعت إثارة هذا الاهتمام في تجربة أولية فقد أسعدني ذلك حين طالعت على صفحاتها ابتداءً من العدد الثاني (( مم وزين )) ونشرت أيضاً جريدة (( كردستان )) القصائد الوطنية للشاعر الكردي حاجي كوي باللهجة السورانية , وفي عددها الثالث أشار إلى الأهمية البالغة لإنتاج الشاعرين الكلاسيكيين الكرديين أحمد خاني وحاجي قادري كوي اللذين كتبا بلهجتين مختلفين ونشر مقتطفات من ( شرفناما ) للأمير شرف الدين البدليسي 1860 طبع في سان بطرسيورج ونالت شهرة في صفوف الأكراد شهرة واسعة وذلك لأنه أول جريدة كردية من جهة ولأن كل فكرة كانت مدعومة بآية قرآنية من جهة أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *